تراجع الثقة و ارتفاع التضخم في منطقة اليورو، و إنكماش الاقتصاد البريطاني لأفضل من التوقعات
تصدر ارتفاع معدل التضخم في منطقة اليورو و أزمة الديون السيادية اهتمام المستثمرين في الأسواق خلال الأسبوع السابق وذلك في ضوء الترقب بشأن قرار البنك المركزي الأوروبي بشأن رفع سعر الفائدة من أجل كبح جماح التضخم.
توقعات أسعار المستهلكين الذي صدرت عن شهر مارس/آذار سجلمستوى 2.6% وهو بذلك يعد الأعلى منذ أكثر من عامين بعد أن سجل في الشهر السابق مستوى 2.4%.
ويأتي ذلك في ظل ما يشهده الاقتصاد العالمي من تصاعد لمعدلات التضخم خاصة بعد أن شهدت أسعار النفط ارتفاعا في الربع الأول من العام الحالي يقدر بنسبة 15% وهو الأعلى منذ الربع الأول من عام 2005. في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا اضطرابات سياسية و عدم استقرار في الوقت الراهن و هو ما قد ينعكس على امدادات النفط من الدول المصدرة في المنطقة. و بالتالي دفع ذلك بأسعار النفط لتصل إلى 106.93$ وهو أعلى مستوى منذ العامين تقريبا. وقد تتسارع في المستقبل بسبب هذه الاضطرابات.
هذا الأمر زاد من المخاطر التصاعدية للتضخم في منطقة اليورو وبالتالي زيادة الضغط على البنك المركزي الأوروبي خاصة أن التضخم تخطى المستوى الآمن لإستقرار الأسعار لنسبة 2%.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري قام البنك بالإبقاء على نفس السياسة النقدية دون تغير لتظل عند مستوى 1% وهو الأدنى منذ تأسيس البنك. إلا أن السيد تريشيه رئيس البنك نوه إلى إمكانية رفع سعر الفائدة في الاجتماع المقبل المقرر عقده في أبريل/نيسان و ذلك من أجل كبح جماح التضخم.
ووفقا لأسباب ارتفاع الأسعار فإن البنك قد قام برفع توقعات التضخم للعام الحالي حيث يتوقع أن تكون لما بين 2.0% و 2.6% و بين 1.0% و 2.4% في العام القادم 2012.
في نفس السياق فإن مؤشر الثقة في الاقتصاد بمنطقة اليورو سجل خلال شهر مارس/آذار قيمة 107.3 من 107.8 للقراءة السابقة بينما كانت التوقعات تشير إلى 107.5.بينما انخفض مؤشر ثقة المستهلكين في نفس الفترة مسجلا -10.6 من -9.9 و جاء متوافقا مع التوقعات.
ويرجع ذلك إلى تجدد المخاوف بشأن الديون السيادية في أوروبا يعد عاملا مؤثرا على معنويات المستثمرين المنطقة لا سيما بعد أن اصبحت البرتغال تقترب أكثر فأكثر من طلب المساعدة بشكل رسمي هذا بعد فترة من تركز اهتمام المستثمرين بما يدور من اضطرابات سياسية في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا.
هذا وقد قامت مؤسسة ستاندرد آند بورز بخفض التصنيف الإئتماني لليونان بمقدار نقطتين ليصل إلى الخردة عند "BB-" بعد أن كان عند مستوى "BB+". و أشارت المؤسسة أنها بصدد التخفيض مجددا إذا قامت اليونان بالحصول على قروض من حزمة المساعدات الطارئة الأوروبية.
و في وقت سابق من هذا الشهر قامت مؤسسة ستاندرد آندبورز بخفض التصنيف الإئتماني في البرتغال خاصة بعد أن رفض البرلمان خطة الحكومة بشأن خفض العجز الأمر الذي زاد من حدة المخاوف في الأسواق هذا بجانب أن مؤسسة موديز قامت بخفض التصنيف الإئتماني لنحو 30 من البنوك الأسبانية.
و على الرغم من أن القمة الاقتصادية الأوروبية الأخيرة انبثق عنها اتفاق القادة الأوروبيين على إنشاء آلية الاستقرار بقيمة 500 مليار يورو لمواجهة الأزمات السيادية المستقبلية. بينما تم التوسع في قيمة شبكة الأمان المالي لتصل إلى الحد الأقصى لقيمة 440 مليار يورو بعد أن كانت بقيمة 250 مليار يورو. إلا أن ذلك لم يمنع من استمرار المخاوف في الأسواق.
على الجانب الآخر و الأكثر إيجابية هو حالة التحسن النسبي الذي يشهدها الاقتصاد الألماني- أكبر اقتصاديات المنطقة- لينعكس على سوق العمل. حيث تراجع معدل البطالة في مارس/آذار ليصل إلى 7.1% من 7.3% للقراءة السابقة و مسجلا أفضل أداء منذ عام 1992 . بينما انخفض عدد العاطلين عن العمل بنحو 55 ألف في تلك الفترة ليصل إجمالي عدد العاطلين إلى 3.01 مليون شخص.
بينما بقي معدل البطالة كما هو ودون تغير مسجلا 9.9% في مارس/آذار ودون تغير عن القراءة السابقة و التوقعات.
ومن ثم تعول المنطقة على اقتصاديات كبرى مثل الاقتصاد الألماني و الفرنسي في دفع عجلة النمو و التعافي في الوقت الذي تشهد فيه دول أخرى حالة من الانكماش و التعثر المالي و التي بدأت في الظهور من جديد مثل ما تشهده البرتغال في الوقت الحالي و التي باتت الأقرب نحو طلب المساعدة بعد اليونان و أيرلندا.
بريطانيا
في بريطانيا جاءت القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي لتسجل مستوى إنكماش -0.5% في الربع الأخير من العام السابق هذا في الوقت الذي كانت تشير فيه القراءة المتقدمة إلى تحقيق إنكماش بنسبة -0.6%. ويرجع ذلك التحسن إلى الاداء الجيد للقطاعين الخدمي و الصناعي في تلك الفترة بعد تعديل القراءات الخاصة بهم. هذا الرغم من حالة الطقس السيء التي شهدتها البلاد في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام السابق.
البيانات الفرعية التي صدرت مع المؤشر أوضحت تراجع انفاق المستهلكين بنسبة -0.3% في الربع الرابع مقارنة بالربع السابق له، و كذا انخفض حجم الاستثمارات بنسبة -1.8% في الربع الرابع ليأتي بأدنى من التقديرات السابقة لنسبة 2.5%. بينما ارتفع الانفاق الحكومي بنسبة 0.4%.
وبالنسبة للصادرات فقد حققت نمو بنسبة 1.7% بينما ارتفع حجم الوارادات ليسجل 3.2% وهو الأعلى في عام تقريبا. وتم تعديل نمو القطاع الصناعي ليصل إلى 0.8% بعد أن كان بنسبة 0.7%. وكذا بالنسبة للقطاع الخدمي فقد تقلص انكماشه ليصل إلى -0.6% من -0.7% للقراءة السابقة.
جدير بالذكر أن تقرير الموازنة السنوي الذي عرضه السيد أوزبورن وزير المالية في الأسبوع السابق أشار فيه إلى أن الاقتصاد البريطاني غير مستقر في الوقت الحالي على الإطلاق.
ومن ثم تم خفض توقعات النمو للعام الحالي 2011 إلى 2011 و ذلك على حسب تقرير مكتب مراقبة الموازنة. و ذلك بعد أن كانت التوقعات السابقة تشير إلى نمو بنسبة 2.1%.
و أشار المكتب إلى أن الاقتصاد من شأنه أن يحقق نمو بنسبة 2.5% في عام 2012 يليه ثبات مستوى النمو عند 2.9% في عامي 2013 و 2014 و يتراجع قليلا إلى 2.8% في عام 2015.